الثلاثاء، 28 فبراير 2012

اليتيم

اليتيم
يغفل الكثير من الناس والذين شغلتهم أموالهم وبنوهم في الوقت الذي أمر به القران الكريم بإكرامهم وتخفيف معاناتهم وتعريف الناس بمصيبتهم وبالظروف العابسة التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من على هذه الوجوه الصغيرة .نتكلم عن اليتامى الذين فجعوا بفقد آبائهم وذاقوا ألم اليتم في ساعات مبكرة من حياتهم نحن في هذه الكلمة عن اليتيم لا نقصد فقط من فقد أباه ، ولا نقتصر على المعنى الشائع لدى عامة الناس وحسب ، ولكن نتعداه إلى كل لقيط وكل من فقد العلم بنسبه ، وهذا المصيبة عليه أشد، وهذا ما يؤكده العرف الاجتماعي واللغوي ويدعمه الفقه ، وذلك لأنه من باب الأولى إلحاق مجهول النسب واللقيط بلفظ اليتيم ، وذلك لأن الحرمان عندهما ظاهر لا يخفى .وتحدث تعالى عن مجهولي النسب بقوله تعالى {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ... } الأحزاب5 ، تأكيدا لحقهم الشرعي وتذكيرا بأن الاعتناء بهم هو من صميم الدين ، وليس فقط واجبا اجتماعيا أو التزاما مجردا .وقوله تعالى {فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ... } الأحزاب5 . وقد فسر الالوسي رحمه الله هذه الآية بقوله إن للدين نوعا من الأبوة ، فقد أبدل القران الكريم مجهولي النسب عوضا عن هذا الحرمان – نسبا عقيديا جديدا ورحمة دينية هي وحدها القادرة على الكسر المضاعف في نفوسهم ، و لهذا اعتبر مكذبا بالدين من يدُع اليتيم .أما عدم العلم بالشيء فلا ينفي وجوده ، فالأب قد يكون موجودا ولكنه غير معروف ولهذا قال تعالى { فإن لم تعلموا } ، وهذا ألم في النفس لدى مجهول الأبوين الذي لا يعلم عنهما شيئا ، مما يحتاج معه إلى المزيد من العناية والاهتمام ، وفي السياق تأتي " إن" الشرطية التي تفيد احتمال الوقوع ، لتفتح الباب واسعا أمام الاحتمالات الواردة التي قد تقف وراء عدم العلم بهؤلاء الآباء . لقد قدم الإسلام الأيتام للمجتمع في أفضل صورة إنسانية شهدتها المجتمعات الحضارية ، فهو لم يقدمهم على أنهم ضحايا القدر أو بقايا المجتمع ، كما هو شائع في مجتمعات أخرى ، بل كانوا موضوعا لآية قرآنية كريمة رسمت عنهم صورة إيمانية تسمو على كل الارتباطات المادية و الدنيوية ، يقول تعالى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ... } البقرة220 . وهذه الآية تخص اليتامى ،أخوة دينية ، من منا يقول لليتيم أخي ؟ ويقول لليتيمة أختي ؟ ولئن كانت هذه التسمية هي الحقيقة ، إلا أن فيها كذلك أدبا قرآنيا جما في الخطاب وتطبيبا لقلوب هؤلاء المخاطبين المنكسرة ، فإنهم إخواننا في الدين .فواجبنا هنا بدأ علاقاتنا بهم وسط مجتمع كريم لا يدع اليتيم ولا يقهره ولا يأكل ماله ، فاليتيم يعني لغة الانفراد والهم والغفلة والضعف والحاجة إلى الدعوة لمخالطتهم ، والمبادرة بذلك هي من أفضل أساليب التطبيع الاجتماعي والدمج من داخل المؤسسة الاجتماعية ، بداية من المصافحة باليد كأبسط صور المخالطة وانتهاء بالتزويج كأقصى مظهر لها ، مرورا بمنافع أخرى كالمؤاكلة والمشاربة والمساكنة وحسن المعاشرة ، فجميع هذه الصور داخلة في إطار المخالطة .والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : إلى ماذا يحتاج اليتيم أولا ؟
إن أول ما نجيب به : المأوى ، وهذا ما ذكره القران بقوله تعالى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى }الضحى6 . فهذا أفضل ما عولجت به ظاهرة اليتم في شتى المجتمعات : توفير المأوى والملاذ الآمن لكل يتيم ، وكأن الآية تخاطب الأمة بقولها : أيتها الأمة أمني لكل يتيم مأوى .ومما يفهم من معنى الإيواء هو دمج اليتيم في كنف أسرة وضمن عائلة إما قريبة وهذا الأصل لقوله تعالى {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ }البلد15. وإلا فبعيدة . هل سمعتم أن من يمسح شعر يتيم له منها حسنات مضاعفة ؟
نعم وفي هذا قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله ،كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ).
يتيم وشعر وحسنات ؟ ما هو الرابط المعنوي بين هذه المصطلحات؟ انه النمو!فاليتيم ينمو والشعر ينمو والحسنات تنمو وتزيد ، وكما يخشى على الحسنات من السيئات وعلى نمو الشعر من الأوساخ والآفات ، كذلك يجب أن يخشى على اليتيم من الإهمال والضياع ، فرجل أشعث أغبر قبيح المنظر ، مقراف للذنوب سيء الخلق ، حاله هذه من حال المجتمع الذي لا يهتم باليتيم ، فكلمات الحديث هنا تدل على التخوف والجزع على مصير الأيتام . فانه لا يصح شرعا ولا قانونا ولا طبعا أن يحرم الأيتام مرتين مرة من حنان الأمومة وعطف الأبوة وأخرى من رحمة المجتمع ورعايته ، فعلينا أن نصل إلى اقل درجة ممكن تخطيها بمسح شعر اليتيم أو بمسح دمعة على خده ، واحتضانه والسؤال عن أحواله ، وإكرامه والنهي عن أكل أمواله ، فقال تعالى {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...} الأنعام152 ، وقوله {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } النساء10، ومن واجبنا أيضا النهي عن قهره ، ودعمه نفسيا وماديا ودمجه في أسرنا ، فمن منا يقدر ان يحتضن يتيما فله الخير الكثير من الله ، وما أحلى من صحبه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في أعلى درجات الجنة ، فالأيتام ليسوا عالة على المجتمع ، وإنما هم بمثابة حسنات مزروعة تنتظر من يحصدها بمسحة واحدة من يده .فحافز الأجر هذا هو الذي جعل الأم الصابرة تتعلق بأطفالها بعد وفاة زوجها في صورة مشرقة من عطف الأمومة على الطفولة ، فهجرت متع الدنيا ونزعت الراحة من نهارها والنوم من ليلها ، تحوطهم بأنفاسها وتغذيهم بدمها قبل حليبها حتى ذهبت نضارتها ولم يهزمها موت زوجها بل اعتبرته جزءا من استمرار نبض الحياة ، فالأم هنا أضافت إلى الأمومة كفالة الأيتام فمنحتهم وأغنتهم عما يؤويهم من الخارج فهي أولى باليتامى من أنفسهم ، والأمومة هي الملاذ الثاني بعد الأبوة فليس بعدها ضياع ولا تشرد ، وهذه الصورة إذا أمكن تطبيقها من الأم ليتاماها ، فانه يبدو رائعا عندما تكفل كل امرأة صالحة يتيما ، ويا له من اجر ينتظرها عند الله عز وجل . وأخيرا أرجو أن تكون رسالتي قد وصلت إلى المجتمع ، رسالة واضحة ، لأنه المسئول الأول عن يتماه ، فقد خلق الله تعالى الأيتام للحياة ، فكيف يحل لنا إذلالهم والإهمال بهم ؟
وإذا كان سبحانه قد خلق الأغصان الخضراء لرعاية الثمر ، فكيف نقطعها نحن ونجعلها للحطب ؟!.






أنا اليتيم


بلا سقف أو جدران .....
بلا مأوي أو حنان ...
مات الشوق فيّ....
وحيدا.....
كقطعة حلوي يتهافتون عليها يوم العيد
كي يقتلوها ....حبا
كـ....كتاب ...كـ ....رواية
يقرؤها ....ثم يرجعوها للمكتبة
ليتني الموت ...لأقتل جسدي .....
وأكتب علي جثتي ....
عاش يتيما
مات يتيما
ودفن يتيما
فهل يبعث يتيما ...؟؟؟
هل يا ترى لا يستحق منا اليتيم سوي يوم واحد في العام للاعتراف بواجبنا نحوه ، كي نتذكره ونشعره أنه مازال موجود في الدنيا ، وأن هناك من يفكر فيه
كثيرا من الناس يتعامل مع واجبه نحو الأيتام فقط من الناحية المادية ، يكتفي فقط بمبلغ شهري يدفعه إلي إحدى الجمعيات التي تكفل الأيتام ، ويعتقد في نفسه أنه بذلك قد كفل يتيم ولكنه ينسي أننا لو دفعنا كل أموال العالم ليتيم واحد فقط فلن يعوضه ذلك عن فقد والديه أو أحدهما وينسى أن الله تعالى يطالبنا ليس فقط بالكفالة المادية ولكن أيضا دفع المضار عنه، وجلب المصالح له،و الإحسان إليه ومراعاة الجانب النفسي له.
ذُكر اليتيم في القرآن 23 مره لنشعر بمدي أهمية رعاية اليتيم ولا ننسى واجبنا المتجدد نحوه
( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ) النساء36
كذلك لم ينساه المصطفى صلى الله عليه وسلم أعظم يتيم في هذه الدنيا
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين , وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى"
وشكا رجلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين.
(رواه أحمد بإسناد حسن)
في رأيي كفالة اليتيم لا تتم بالأموال فقط ولكن يجب أن نشعره أنه أحد أفراد العائلة ، نشاركه طعامه أحلامه وآلامه ، حتى ولو ليوم واحد في الأسبوع أو الشهر وليس فقط في يوم اليتيم حتى نعالج احتياجه النفسي لأن يكون فرد في أسره يشعر بحنانها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق